السبت، 21 ديسمبر 2013

قهوة مالحة

قصة قصيرة...


قهوة مالحة
********

ألقي بنفسه مغلفه بهمومه وأشجانه وأفكاره وذكرياته
في هذا المقهي الذي صادقه منذ أكثر من عشرين عاماً
لم يأتيه يوماً وحيداً واليوم وبعد غياب سنة كاملة
يأتي وحيداً...
كانا يلتقيا علي بابه كل صباح عاشقان تعهدا
علي عدم الأفتراق أبداً...
يحتضنا نفس الطاولة التي أصبحت جزء من همومهما أشجانهما
أفكارهما مجادلتها ضحكاتهما دموعهما وهمسهما
أو أصبحا هما جزءاً منها
أحتضن نفس الطاولة التي حُفر على أحد أطرافها حرفين وتاريخ..!!
قهوته أصبحت سادة ...
فقد بدل نكهة قهوته كما بُدلت أشياءً كثر
لم يعد يتذكر كيف كانت قبل أن يُبدلها
ولكن اليوم يوماً مثقل بالأشجان معتم بالحزن وملبد بالذكريات....
فهو ليس كأي يوم .... فاليوم هو ذكراها...!!!
وذهب بعيد خلف تلال من الذكريات تخطي أرتفاعها العشرون عام
تذكر كيف رأها للمرة الأولي وكيف كانت
صاخبة هادرة ثائرة...
تجمدت عيناه على الميدان الذي يحتوي المقهي في أحد زواياه
فالميدان كان حاضن النظرة الأولي....
مظاهرات الطلاب الرافضة لحالة اللاسلم واللاحرب
والمطالبه بعودة الأرض التي أُغتصبت في وضح النهار.....!!!
كانت هي فالوسط منها كحبة العقد
متفجرة كينبوع الماء الهادر الذي يموج فيحرك كل ما يصطدم به طوعاً أو كرهاً
خطفته عيناها حماسها صوتها ملامحها قوتها...
أدخلته مرغماً في حالة حرب غير منتهية وسلم لا يرجو سواه الآن..
وجعلته مطالباً بعودته إلي أرضها ليكن مدافعاً عنها حامياً لها
مصلياً عابداً فوق تراب جبينها اللؤلؤي...
تذكر كيف تصنع المواقف وأخترع الأفكار ونسج الكلمات ليقترب منها
وقد كان له ذلك...!!!
فقد كان صاحب رأي ورؤية وموقف لا يحيد عنه أبداً
أختلفا معا في أولي كلماتهما حول الرأي والرؤية.....
وكما فعلت به هي...فعل هو بها ماهو أكثر
وجدته صاحب رأي قوي في الحق يري جيداً ما وراء الحدث والأحاديث
محبوب مرح قارئ جيد ومقروء دائماً..
أقتحامها عقله دون أستئذان... وكما أحبت هي هذا الأقتحام...!!!!!
وجدت فيه خريطة واضحة الملامح لدروب أفكارها وتطلعاتها
وجدت نفسها جزء فيه ومنه ووجدته كل لها ومنها...
وكان الأعتراف بالحب في اللقاء الأول في المقهى نفسه وعلي الطاولة نفسها
أعترافا معا كلا بطريقته....
أهدها كتاباًَ يحمل كلمة واحدة من أربعة أحرف...
وأهدته وردة حمراء بلون الدم...
وبين ما أهداه لها وما أهدته له كان الأعتراف صمتاً وهمساً ولمساً
تزواجا وكانت حفلة الزواج علي المقهي والطاولة...
عاشا معا أجمل أيام العمر حباً ومودة وعشقاً وأملاً وحلمً وثورة وأبداعاً ....
كانت له الأم والحبيبة والصديقة والعشيقة والأبنة والأخت
والدنيا والآخرة والجنة والنار...
وكان لها أبا وحبيبا وصديقا وعشيقا وأبنا وأخا
وعقلا وروحا وبردا وسلاما...
تذكر دموعها الفضية.....
حُزناً علي عدم قدرتها علي تمهيد الأرض لبذرة كائن صغير يكن جزء منه ومنها
وقهراً علي معاهدة أضاعت ما أُسترجع بالدم بسلام معلولا عقيما
تذكر دموعه تتلألأ فوق جبينها مواسياً ومؤازراً وقد أختلطت بكلماته المبحوحة
أن كيانه ليس به متسع لحب غيرها فهي مالكة كل كيانه
وأن دماءاً سالت ستطالب بحقها يوماً...وأن سلاماً عقيماً مشوهاً
يوماً سيجتث من فوق أرضنا...!!!
كانت كلماته من حدة صدقها قاطعة مألمة معذبه معبره بكل مايشعر به حقا...
تذكرها في أخر لياليها وكانت ذكري زواجهما
كيف كانت متألقة جميلة حيوية شابة رغم تقدم السن معها
كيف أحتضنته بلهفة شوق وقوة رغبة كأنها أردت أن تهرب بداخله
أن تحتمي تحت جلده من كل الدنيا أن تعيش في قلبه ما بقي لها من عمر
تغشها فرحاً شوقاً حباً رغبة........ووداعاً
كلماتها الأخيرة محفورة في قلبه وعقله وجلده وكيانه
تذكرني دائماً سأحبك مهما طال البعد ومرت الأيام
سأنتظرك يومياً عند كل صباح لنكمل حديثاً بدأناه...!!
قبلتها الأخيرة مازالت موشومة علي جبينه..يتحسسها كلما تذاكرها
تذكر يوما غابت شمسه من صدر سماها
غابت فيه طيور الصباح عن الأغصان والحقول....
يوما توقفت فيه الأرض عن دورانها عن حيويتها عن مجادلتها عن أستمراريتها
يوما أختفي فيه ظله عنه.....يوم صرخ عليها ولم تُجيب صرخاته للمرة الأولي
صرخاته التي رددتها السماء رعداً برقاً ودموعاً تكسو وجه الأرض
وكأنما السماء مثله تذكرت فراق محبوبتها الأرض يوما...
توقف قلبه عن ضرباته وذهب العقل ليتواري خلف الجنون
وأستُبدلت الكلمات بالصراخ والآهات والدموع
أحتضنها.....
أحتضنها كما لم يفعل من قبل
بكل قوة وعنف رغبة منه أن يدفنها في قلبه وبين عظامه
تحدث أليها كثيراً.........
تركتني كيف؟
ألم نتعاهد ألا يترك أحدنا رفيقه صديقه حبيبه
كيف سأعيش بدون قلبي ومن سيهديني وردة بلون القلب؟
إلي من سأوي أشكو همومي وأحزاني؟
من سيأخذني في أحضانه الدافئة
ليذهب همي ويُدفء قلبي من روحه..؟
من سيحدثني كل صباح؟
من سيجلس معي نرتشف قهوتنا المفضلة ذو حبتي السكر
سألها وسألها وسألها...
ألم يكن لقائي بكي صاخبا هادرا ثائرا...
كيف يكون الرحيل هادئا بدون وداع
أكنتي تعلميني بالرحيل؟ ولم تبلغيني حتي نرحل معا
كانت دموعه تتساقط علي وجها كليلة غزيرة المطر
فكأنما هي من تبكي...!!!
تذكر كيف بيد مرتعش غسلها بدموعه قبل الماء
كيف ألبسها قبلاته وحبه قبل رداء الموت....!!!
وبكي كما لم يبكي من قبل أحس أن جدران المقهي يبكي معها
والطاولة تشد علي يده
وتساقطت دموعه في فنجان قهوته وأختلطت به ومعه...
أرتشفها كأنما يريد أن يحبس دموعا تساقطت عليها بين ضلوعه
وفي جوفه للأبد......
كانت قهوته مالحة
كانا يُريدها معا دائما بقطعتي سكر...
وأرداها هو بدونها بلا سكر...
وأرداها عقله وقلبه وكيانه وذكرياتهما مالحة
بطعم الحزن....بطعم الرحيل....بطعم الوداع!!!
وأحس بأنه بئراً جفت الماء في جوفه وأن المقهي يدور رأسا على عقب...
وأن أحشاء عقله تتمزق وتكاد تفجر رأسه أمامه
نظر فوجدها جالسة بجانبه بأبتسامة تشرق لها الدنيا
أحتضنت يده تقبلهما فسقط هو فوق صدرها وعلي وجه أبتسامة فرح ورضا
وكأنه أبنا ضال عاد لأمه بعد غياب طويل...!!!
وسقط فنجان القهوة أرضاً
وأنسكب كوب الماء فوق الطاولة
وأنساب من أحد أطرافها ماراً فوق حرفين وتاريخ...!!!
فتسقطت كقطرات الماء كالدمع على أرض المقهي
مختلطت بقهوة كانت مالحة..!!!

#قهوة_مالحة

جمعة خطاب
السبت
2013/12/21

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

كان يا ما كان

تبا وألف تب لشباب شبوا عن الطوق
ولكن لم يمكثوا فباعوا الحلم الثمين
وللعجب....... ليسوا بقبضى الثمن
تخطفت أفكارهم أيادى النخاسين
ويتقاتلون بأسواق النخاسة
يرتدون مايشاء السيد من أجمل (الفساتين)

تركوا باب الشمس خلف الظهور
فطمس الظلام ملامح الحلم الجنين
والأن....
يتلمسون النصيحة من جيلا
يبيع الحلم على موائد العشاء
وأسماهم جيل الملاعين
جيلا شب على الطاعة والصمت اللعين
جيلا يصافح يضحك يساهر يصاهر من قتل
من ساوم من وأد حلم السنين
فكيف الان نطلب من سجانا
أن يطلق سراح السجين
شبابا يدركون كل طريق
ألا طريقا كتب لهم
ينشدونا الشمس من رحم المغيب
وكيف لمن يغيب أن يعود من أجل بعض الحنين
فهم لم يكونوا أهل حق لحلمهم
تلاعبت بهم أحلام الزعامة جهلا وكبرا
فلن يكون الحلم
ولن تعود الشمس
ألا أذا ولو وجهم قبلة الميادين
يتذكرون من كانوا وكيف كانوا ولماذا ضحوا وكيف أبوا؟؟؟؟؟!
ليعلموا أن فردوس الحرية لم تكتب للطامعين
ليعلمو أن الوطن ليس أرضا أو سماء تفترش
بل الوطن عين وعقل وقلب
وفكرة وطريقا هدى للسالكين
فالعين ترى والعقل يعى والقلب يحتضن
والفكرة تصنع المستحيل
وعندما يكون ذلك سيحققوا الذى كان
وبشر الصابرين..........!!!!!!!
أنا....!!!!!!

الأحد، 18 سبتمبر 2011

ب س ا م ت


مشهد من ميدان التحرير

وأنا هناك بعيد عن الميدان
مات بين يدى
ماتت امام عينى


مشهد من ميدان التحرير
حلم فى صباه يشب بين ليلا وضحاه
لينير الطريق لنفسه ومن سواه
ليموت شهيدا
فى زمن سلام مزيفا لاتعرف الشهادة ارضه ولا سماه
واشباح الموت السوداء تاتى من كل اتجاه

صوت سيارات الشرطة يعلو فوق الاصوات
تاتى الاوامر لتعامل مع الثوار
ينزل الافراد بالزى الحديدى بالبنادق والهروات
ويتشكلون فى انتظام
والهتاف يعلو الهتاف يعلو
الشعب يريد اسقاط النظام

كانت هادئة فى الطفولة تدخر العنفوان
تحلم بالبطولة اذا جاء الاوان
جميلة الملامح تسحرك بالابتسام
لها قلب ام بل امة قلبا مملوء بالحنان
جريئة الرأى راسها شامخ واحلامها ليس لها عنان

خراطيم المياه ترتطم بوجوه الجموع
وقنابل الدخان تنطلق لتسيل الدموع
والحشود لاتخاف وتندفع للامام
والهتاف يعلو الهتاف يعلو
الشعب يريد اسقاط النظام

شب الفتى واشتد عوده وشب حلمه النجيب
واختلطت الاحلام بمرارة الايام وانحنى ظهره بليلا كئيب
ياس ظلم انكسار تعذيب
وبعد الانتظار ياتي صوت الميدان فيهب مستجيب
ينضم للصفوف فقد ان اوان الحلم والقرب من جنة الحبيب
يتقدم الافراد لمحاصرة ميدان الاحرار
يرمهم بالقنابل والمطاطى حتى يلوذوا بالفرار
ولكن هيهات هيهات
ان شبابا خلقنا احرارا رغم انف النظام
ويهتفون والهتاف يعلو الهتاف يعلو
الشعب يريد اسقاط النظام

رسمت ملامح فارسها المنتظر الجميل
وحصانه الذى ليس له فى الدنيا مثيل
وصوت الاجراس يعلو مختلطا بالترانيم
وفستانها الابيض يلهث خلفها ذيله الطويل
والعيون تتخطفها ويغار منها النسيم العليل

يخنقها الدخان وتسيل دموعها
فتسعل حتى كادت تنقطع انفاسها
تستجمع قواها وتلتحم وتزيح الغمام
وتهتف والهتاف يعلو الهتاف يعلو
الشعب يريد اسقاط النظام

تنقلب الصورة وينتصر الثوار
وتفر الافراد يخلو الميدان للاحرار
وبين ليلة وضحاها تحدث معركة الجمل
وتقترنب الشهادة من الفتى المختار
ويحتضنها فى وسط الطريق فيخفت صوته الجبار
فيخرج صديقه الهاتف يستدعى الانقاذ ولكن الشبكة خارج الاطار
فيبتسم ويخاطبه مودعا ابلاغ والديا بانى فى جنة الابرار

ولكن الهتاف يعلو الهتاف يعلو
الشعب يريد اسقاط النظام

فجاءة غاب الاحساس بالميدان والهتاف والحشود
وسالت الدماء الذكية تروى ارضنا فى لحظة الصمود
اخرجت الهاتف لتودع امها
ولكن الشبكات خانتهم واعلنت الجمود
وياتى فارسها الجميل يلتقطها من بين ايدى قاتليها
وتزفها السماء والحصان الابيض يخترق كل السدود
وترقب الميدان بنظرة مودعا وكانها تذكر الثوار بالعهود
وتهتف والهتاف يعلو والهتاف يعلو
الشعب يريد اسقاط النظام

لم نكن معاكم فى الوطن حين حررتموه
فهذا اسفنا فهل تقبلوه
فمن بعيد هتافنا معاكم هتافنا معاكم
هتافنا ضد النظام الذى اسقطموه

تحية لشهدائنا وشبابنا وشعبنا
تحيا ام الدنيا مصرنا ارض المحيا والممات
وقلبنا ومهد الحضارات
وليعلم شهدائنا الاحياء عند ربهم
ان الشعب اسقط النظام